حقيقة.!

إذا شعرت وأنت تقلب الصفحة الأخيرة في الكتاب الذي تقرأه أنك فقدت صديقاً عزيزاً فأعلم أنك قد قرأت كتاباً رائعاً.

الخُلاصَةُ في أصولِ التَّرْبِيَةِ الإسْلامِيَّةِ.pdf

للمؤلف: علي بن نايف الشحود

الطبعة الأولى
1430 هـ - 2009 م
((ماليزيا ))
((بهانج- دار المعمور ))
(( حقوق الطبع لكل مسلم ))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه أجمعين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد اهتم الإسلام بكل جوانب الحياة،قال تعالى:{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (177) سورة البقرة.
وقد أولى التربية العناية البالغة،ذلك لأن المجتمع صغيرا كان أم كبيراً يؤثر تأثيراً بالغاً على سلوك الأطفال ،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ،فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ،كَمَا تَنْتِجُونَ إِبِلَكُمْ هَذِهِ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ:فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ:{..فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم. (1)
فأمر طبيعيٌّ أن يصوغ الإسلام الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم بمنهجه التربوي الفريد،الذي أنزله الله تعالى من عنده،ومن ثم لو قارنا بين المنهج الإسلامي في التربية وبين المناهج الأرضية الأخرى لوجدنا الفارق شاسعاً،ذلك لأن الأول من عند الله العليم الخبير بخلقه،وتلك من صنع الناس الذين لا يستطيعون أن يدركوا أسرار النفس الإنسانية . قال تعالى:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (14) سورة الملك.
ومن ثم فإنه يعتور تلك المناهج النقص والتغيير والتبديل والتركيز على بعض الجوانب وإهمال جوانب أخرى،ومن ثم لا يمكن لها - مهما نمقها أصحابها وزركشوها- أن تصلح النفس الإنسانية،وتوجد الإنسان الصالح .
بينما المنهج الإسلامي يتصف بالكمال والشمول،ومراعاة جميع جوانب الحياة المادية والمعنوية،ومن ثم فهو يرافق هذا الإنسان في رحلته الحياتية كلها منذ أن كان جنينا في بطن أمه إلى أن يموت،وما بعد الموت كذلك .
ولذا فإن أصول التربية الإسلامية - والمستمدة أصلاً من القرآن والسنة وما يستنبط منهما- تختلف اختلافاً حادًّا عن أصول التربية الوضعية .
وربما تلتقي معها في بعض الجزئيات ولكن أصول هذه الجزئيات مختلفة جدًّا .
وقد أوهم أعداء الإسلام بأن سبب تقدمهم تلك المناهج التربوية والفكرية التي وضعوها،فما على المسلمين إذا أرادوا التقدم إلا استيراد تلك المناهج وتطبيقها في بلاد المسلمين ليلحقوا بالركب،ولكن الحقيقة غير ذلك .
فقد استوردت هذه المناهج وطبقت في سائر بلاد المسلمين،ونحِّيَ المنهجُ التربوي الإسلامي،فلم يتقدم المسلمون،ولم يواكبوا ركب الحضارة،ولم تستطع تلك المناهج - الأرضية - أن توجد الإنسان الصالح،ولا المواطن الصالح،بل زاد الفساد،واستشرت المشكلات ،يوما بعد يوم .
فاليابان لم تستورد تلك المناهج أصلاً،وإنما استوردت عناصر التقدم العلمي،وبقيت محافظة على ذاتيتها،فتقدمت تقدماً سريعاً خلال فترة قصيرة من الزمن.
أما نحن فلم نستورد من عند القوم إلا النفايات والمصائب،حتى نبقى تابعين لهم في كل شيء .
وقد حذرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سؤال أهل الكتاب ،فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ،فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ،وَقَدْ ضَلُّوا،فَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ،أَوْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ،فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ،مَا حَلَّ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي. (2)
وعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ وَعَندَكُمْ كِتَابُ اللهِ أَقْرَبُ الْكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ تَقْرَؤُونَهُ مَحْضًا لَمْ يَشُبْ. (3)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:قَالَ عَبْدُ اللهِ:لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَتُكَذِّبُوا بِحَقٍّ ، أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ،فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَيَضِلُّونَ أَنْفُسَهُمْ،وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلاَّ فِي قَلْبِهِ تَالِيَةٌ تَدْعُوهُ إلَى دَيْنِهِ كَتَالِيَةِ الْمَالِ. (4)
أما آن لهذه الأمة أن تصحو من هذا السهاد ؟!!.
هذا وقد انتبه عدد من المخلصين والغيورين على دينهم من أبناء هذه الأمة،لهذا الخطر المحدق بنا،فألَّفوا عددا جيدا من الكتب والأبحاث التي تعطينا البديل الإسلامي الصحيح،القادر على إنقاذ هذه الأمة مما ألمَّ بها،والأخذ بيدها صعدا نحو مدارج الكمال .
فإذا أخذنا بهذا المنهج فإننا نغدو خير أمة أخرجت للناس،كما قال تعالى:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ..} (110) سورة آل عمران.
ونقود البشرية من جديد نحو برِّ الأمان بعد أن غاصت إلى الركب بالدماء والأشلاء .
والله تعالى يخاطبنا بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (24) سورة الأنفال
يا أيها الذين صدِّقوا بالله ربًا وبمحمد نبيًا ورسولا استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم لما يحييكم من الحق،ففي الاستجابة إصلاح حياتكم في الدنيا والآخرة،واعلموا -أيها المؤمنون- أن الله تعالى هو المتصرف في جميع الأشياء،والقادر على أن يحول بين الإنسان وما يشتهيه قلبه،فهو سبحانه الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعاكم;إذ بيده ملكوت كل شيء،واعلموا أنكم تُجمعون ليوم لا ريب فيه،فيجازي كلا بما يستحق (5) .
وفي هذا الكتاب قد تطرقت للأمور التالية :
الباب الأول= حول تعريف التربية وأهميتها ، وفيه مباحث:
المبحث الأول-مفهوم التربية في الإسلام
المبحث الثاني-أهداف التربية الإسلامية ومقاصدها
المبحث الثالث-ميزات التربية الإسلامية
المبحث الرابع-سمات التربية الإسلامية
الباب الثاني= أصول التربية الإسلامية ، وفيه مباحث :
المبحث الأول-البناء العقائدي
المطلب الأول:أهمية مرحلة الطفولة في غرس العقيدة
المطلب الثاني:أسس غرس أركان الإيمان في الأطفال
المطلب الثالث:ترسيخ حب النبي - صلى الله عليه وسلم- وحب آل بيته وصحبه .
المطلب الرابع:الإيمان بالملائكة
المطلب الخامس:الإيمان بالكتب السماوية
المطلب السادس:الإيمان بالرسل عليهم السلام
المطلب السابع:الإيمان باليوم الآخر
المطلب الثامن:الإيمان بالقدر خيره وشره
المطلب التاسع:تعليم الطفل القرآن والسنَّة النبوية المطهرة
المطلب العاشر:الثبات على العقيدة والتضحية من أجلها
المطلب الحادي عشر - تعريفه أول ما يعقل أحكام الحلال والحرام
المبحث الثاني-البناء العبادي
المطلب الأول:تكامل العقيدة مع العبادة في تربية الطفل
المطلب الثاني:الصلاة
المطلب الثالث:الصيام وبيان حكمه على الطفل وأثره عليه
المطلب الرابع:الزكاة
المطلب الخامس:الحج
المبحث الثالث-البناء الأخلاقي
المطلب الأول:خلُق تأديب الأطفال
المطلب الثاني:أنواع الأخلاق النبوية للأطفال
المطلب الثالث -التحذير من الأخلاق الهابطة
المطلب الرابع:أنواع الآداب النبوية للأطفال
المطلب الرابع - المبادئ الصحيحة في تربية الولد على الخلق القويم،والشخصية الإسلامية المتميزة
المبحث الرابع-البناء البدني
المطلب الأول:وجوب النفقة على الأهل والولد
المطلب الثاني:أهداف التربية البدنية
المطلب الثالث:بعض الممارسات الرياضية في الإسلام
المطلب الرابع:فوائد اللعب وقيمته
المطلب الخامس:قواعد الأكل والشرب والتغذية وأثرها على التربي البدنية
المطلب السادس:التربية البدنية وآداب النوم
المطلب السابع:اهتمام الأطفال بالنظافة
المطلب الثامن:التحرز من الأمراض السارية المعدية
المطلب التاسع - علاجهم إذا مرضوا
المبحث الخامس-البناءُ العلميُّ
المطلب الأول:الشريعة تدعو إلى العِلم بمعناه الشامل
المطلب الثاني:العِلم في القرآن الكريم
المطلب الثالث:العِلم في السنَّة النبوية المطهرة
المطلب الرابع:السنُّ الذي يبدأ فيه تعليم الطفل وتأديبه
المطلب الخامس - لا فرق بين الذكور والإناث في التعليم
المطلب السادس - التوعية الفكرية
المطلب السابع - أنواع القراءة
المبحث السادس-التربية النفسية
المطلب الأول- ظاهرة الخجل وعلاجها
المطلب الثاني - ظاهرة الخوف وعلاجها
المطلب الثالث - ظاهرة الشعور بالنقص وعلاجها
المطلب الرابع - ظاهرة الحسد وعلاجها
المطلب الخامس - ظاهرة الغضب وعلاجها
أسال الله تعالى أن يردَّ هذه الأمة إلى رشدها قبل فوات الأوان،وأن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره والدال عليه في الدارين .
قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف .
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود

في 14 رمضان 1430 هـ الموافق ل 4/9 /2009 م



__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (1358 ) وصحيح مسلم- المكنز - ( 6926 ) و صحيح ابن حبان - (1 / 337)(129-130)
(2) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (5 / 123) (14631) 14685- وفتح الباري لابن حجر - (13 / 525) ومختصر العلو - (1 / 59) حسن
(3) - مصنف ابن أبي شيبة - (13 / 460) (26951) صحيح موقوف
(4) - مصنف ابن أبي شيبة - (13 / 460) (26952) المعجم الكبير للطبراني - (8 / 301) (9643 ) صحيح موقوف
(5) - التفسير الميسر - (3 / 192) وانظر أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1185) وفى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (3 / 1494) وتفسير السعدي - (1 / 318) وتفسير الشعراوي - ( / 1171)


 الخُلاصَةُ في أصولِ التَّرْبِيَةِ الإسْلامِيَّةِ.pdf

تفاصيل كتاب الخُلاصَةُ في أصولِ التَّرْبِيَةِ الإسْلامِيَّةِ.pdf

للمؤلف: علي بن نايف الشحود
التصنيف: المكتبة الاسلامية -> الفقه وأصوله
نوع الملف: rar
أضيف بواسطة:
بتاريخ: 30-09-2009
عدد مرات التحميل: 504
مرات الارسال: 77

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة:
عرض جميع الكتب للمؤلف: علي بن نايف الشحود

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: