حقيقة.!

أحياناً أشعر أن كتاب وكوب من النسكافيه.. هم قمة الرفاهية.. على الأقل بالنسبة لي.

الـعـنـف في الأدب الصهيوني.pdf

للمؤلف: الدكتور علي سليمان
قد يحمل هذا العنوان شيئا من الغرابة أو المفارقة؛ إذ من غير المألوف أو الطبيعي أن نبحث عن العنف في الأدب أو يكون الأدب أداة من أدواته، أو أن يسهم الأدباء والشعراء في توليد العنف وتغذيته أو في الدعوة إليه وتسويقه؛ فالمألوف والبدهي أن يحمل الأدب فيما يحمله، نزوعا إنسانيا وأخلاقيا وقيما تؤكد معاني الحق والعدل والرأفة والجمال، وأن يعطي حياة الإنسان وكرامته وحريته القيمة الأولى وأن يرتقي بالسلوك والوجدان البشريين ويسهم في استئصال بقايا الوحشية والعنف والقسوة في سلوك البشر وفكرهم ومعتقداتهم.. لا فرق في ذلك بين آداب الشعوب القديمة وآداب الشعوب المعاصرة أو بين آداب القبائل البدائية وآداب الأمم المتحضرة! وإذا كان مألوفا أن لا يعبأ رجل السياسة أو رجل الحرب بهذه القيم والمعاني، أو يضحي بها، بدافع من شهوات السلطة وحب السيطرة والتملك أو استجابة لتربيته الخاصة وتكوينه الفكري والنفسي، فقد كان الشاعر أو الأديب، منذ أقدم العصور، يقف في الجانب المغاير، منحازا لهذه المعاني، يدافع عنها ويدعو إلى انتشارها وتكريسها في الحياة، وإلى نبذ نوازع العنف والتحرر من هيمنة الغرائز والارتقاء بالمشاعر الإنسانية وتطهيرها من نزعة القسوة والكراهية، حتى لو عرّضه هذا الانحياز إلى أقسى أنواع العقاب والتنكيل. ولسنا نبالغ، إذا قلنا: إن أولى وأسمى القيم الإنسانية والأخلاقية والجمالية وأكثرها رأفة واقترابا من معاناة البشر وملامسةً لأوجاعهم، قد وصلت إلينا على ألسنة الشعراء والأدباء، سواء في بلاد مابين النهرين أو سورية وبلاد كنعان أو في مصر القديمة أو في بلاد الإغريق أو في بلاد الهند أو الصين... وغيرهم من شعراء وأدباء الشعوب والأمم القديمة، وإن الشعراء والأدباء على امتداد العصور، قد استمروا في حمل هذا الإرث الإنساني والحفاظ عليه ونشره ومقاومة ارتداد الإنسان إلى الاحتكام لشريعة الغاب والأخذ بقانون الغرائز البدائية ومنطق القوة والإرغام والإذلال. إن هذا التلازم بين الأدب وبين القيم الإنسانية على امتداد العصور، يجعلنا نتردد كثيراً في إطلاق تسمية الأدب، على أي نوع من أنواع الأدب أو الفن، إذا ما تنكر لهذه القيم وارتضى أن يكون خازناً للعنف أو رافداً له، أو تبنى قيماً مغايرة تبرر العدوان وتدعو إلى الكراهية وتسوّغ قهر الآخر وإذلاله وانتزاع موقعه أو تغذي لديه شهوة التسلط والإرغام ونزعة العنصرية والتعالي.. وإن هذا التلازم بين الأدب والفن وبين القيم الإنسانية، هو ما يجعلنا نتردد أيضاً في إطلاق تسمية الأدب بالمعنى الدقيق، على الأدب الصهيوني الذي اختار أن يفك هذا التلازم أو الترابط، ليحمل نزعة العدوان والعنف والعنصرية ويحضَّ على كراهية الآخر وإلغائه، بل قتله واغتصاب أرضه وممتلكاته والعيش مكانه وفوق أنقاضه، مضحياً في سبيل ذلك ليس بدور الأدب الإنساني بل بمقوماته الفنية والإبداعية والجمالية والانحراف به بعيداً عن هذا الدور وجعله أقرب إلى منشور دعائي موظف في خدمة الأغراض السياسية والعنصرية وانتهاك الحقوق والقيم الإنسانية!! بل يمكننا القول: إن هذا الأدب الصهيوني الذي ينتمي زمنياً إلى القرن العشرين يكاد يكون الأدب الوحيد بين آداب الشعوب الذي يجاهر بعنصريته ويفاخر بخيانة دوره الإنساني، والتخلي عن بعده الأخلاقي وإغماض العينين عن معايير الحق والعدل، ويرتضي أن يكون سوطاً للإرهاب والتسلط وداعية للكراهية والعنف ونشيداً لحملة البنادق ووسيلة في يد القتلة والمغامرين والمرضى؛ تمجّد قسوتهم وتبرر جرائمهم وتبارك جرأتهم على معاداة الحقائق وطمسها وتغييبها... إن كل متتبع لظاهرة العنف في الأدب الصهيوني، سيجد أن غالبية هذا الأدب، لاسيما الأدب الذي أسس للصهيونية ولقيام إسرائيل، سواء كان شعراً أو قصصاً أو مسرحاً أو غير ذلك من أنواع الأدب؛ هو أدب موظف في تسويغ العنف وتوليده وضخه ضد الفلسطيني بخاصة والعربي بعامة، ومكرس لتبرير الاحتلال وقتل الإنسان الفلسطيني وتشويه صورته أو إنكار وجوده وحقوقه واقتلاعه ليس من أرضه ودياره فحسب؛ بل إقصائه من التاريخ أيضا؛ فالفلسطيني في هذا الأدب لا يعيش خارج الجغرافيا فقط؛ بل خارج التاريخ أيضا وخارج المجتمع البشري وخارج حقوق الإنسان، كل ذلك يتم بمزاعم وذرائع شتى قامت الصهيونية السياسية بتلفيقها وتسويقها وفرضها، تارة بحجة الحق الإلهي في أرض الميعاد أو الوعد المزعوم الذي قطعه الله لإبراهيم منذ آلاف السنين، أو بحجة ما لاقاه اليهود من اضطهاد وتشريد وإبادة، أو بحجة أن فلسطين كانت خالية من السكان قبل بدء الهجرة الصهيونية إليها في أواخر القرن التاسع عشر. فقد كانت أرضا بلا شعب تنتظر شعبا بلا أرض أو بذريعة، تطوير وإحياء الأراضي المقدسة في فلسطين وجعلها قلعة للحضارة الغربية في وجه آسيا البربرية الهمجية، أو بحجة أن اليهود شعب فريد ومغاير لا يسعه الاندماج في بقية الشعوب ومن حقه المحافظة على صفائه العرقي ونقاء معدنه والخشية من الذوبان في المعادن الرخيصة، وعلى العالم أن يُؤمّن له الشروط والعوامل التي تساعده على الاحتفاظ بتفرده وتفوقه ونقائه العرقي!! أو بحجة أن لا خيار أمام اليهودي المهدد دائما بالاضطهاد والإبادة وافتقاد الأمن إلا إزاحة الفلسطيني وأخذ مكانه.. كي يحقق اليهودي أمنه ويجمع شتاته ويحافظ على نقاء عرقه ويعبر عن طاقاته الإبداعية. فاليهودي حسب هذه المزاعم ليس مخيرا، فإما أن يكون ضحية أو جلاداً، وأن لا حل للمشكلة اليهودية إلا في أن يحلَّ الوجود الصهيوني محل الوجود الفلسطيني وأن تقوم دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين والفلسطينيين، إلى آخر هذه المقولات والمزاعم التي تزخر بالعنف والرياء والعنصرية واحتقار الحقائق والتي تحملها وترددها مقولات المفكرين والساسة ورجال الدين الصهاينة، أمثال هيرتزل وآحاد عاهام ووايزين وناحوم غولدمان وإسرائيل زنجويل وبن غوريون ومناحيم بيغن وغولدامائير وموشي دايان وليفي أشكول ويرمياهو بوفال وجوزيف ويتنر وموسى هيس وشارون والحاخام شاؤول وغيرهم كثيرون، هؤلاء الذين حاولوا تكريس هذه المقولات التي نجدها مبثوثة أيضا في الأعمال الروائية والشعرية والمسرحية وقصص الأطفال الصهيونية، في أعمال شموئيل يوسف عجنون وموشيه سميلانسكي ويتسحاق شامي وناتان شاحم وعاموس عوز ويزهار سميلانسكي وبنحاس ساديه وبنيامين تموز ويائيل دايان وابراهام يهوشاع واسحق شليف، وكذلك في شعر مناحيم بيالك ويهودا عميحاي ويوناثان غيفن ونعمى شيمر وافرايم سيدوم ويسرائيل هار وأبشلوم كور وحاميم ريبنزون وشمشون ملستار وديدي منسي وحاييم حافير وغيرهم... ولسوف نرى أن الأدب الصهيوني الذي بشر بالمشروع الصهيوني في فلسطين ومَهَّد له وأسهم في ترسيخ دعائمه... قد مارس ضد الفلسطيني مختلف أشكال العنف من خلال مقولاته ومسلماته وإيحاءاته ومزاعمه، بل مارس ضده ما يمكن تسميته بالعنف الشامل الذي طال حياته وإنسانيته وكرامته ووطنه وممتلكاته وصورته وتاريخه وثقافته وإرثه الحضاري؛ فحضَّ على الكراهية والبغضاء والانتقام والتنكيل وعلى ممارسة مختلف أشكال القتل والاستباحة؛ بل تجاوز ذلك إلى نوع مرضي من العنف الذي يمكن تسميته بالعنف (الشايلوكي) يستمتع صاحبه فيه بقهر وإذلال الضحية والتلذذ بتحطيم إرادتها وكرامتها وإنسانيتها قبل قتلها كما تفعل إسرائيل الآن في هدم المنازل فوق رؤوس أصحابها وتركهم يموتون ببطء تحت الأنقاض أو في إطلاق الرصاص على الأطفال الصغار في أحضان آبائهم وأمهاتهم أو أمام أعينهم، وقتل النساء والشيوخ والمعاقين أو تركهم ينزفون حتى الموت دون السماح بإسعافهم، وتكسير أطراف المتظاهرين أو المحتجين على عمليات القتل والقهر والإذلال وسحل جثث الضحايا في الشوارع وعلى الأرصفة، وإطلاق الرصاص على بطون الحوامل وسحق الممتلكات والأشجار والمزروعات وجرف التربة وتدمير أي مظهر من مظاهر النشاط والتطور الذي يبشر بالحياة والنمو... ويمكن القول من خلال تتبع التأثير المتبادل بين سياسة العنف التي تتبعها الحركة الصهيونية وبين عنف أدبها أن العنف الذي أسهم الأدب الصهيوني في توليده قد أسهم بدوره في توليد أدب أكثر عنفا وقسوة ووحشية، وأكثر تحريضاً على العنف والكراهية وإن الصهيونية التي أَمدّتْ الأدب وغذته بمقولاتها ومسلماتها العنصرية العدوانية، قد غذاها الأدب بدوره؛ فَتبنَّى مقولاتها ومسلماتها وقيمها وسوَّغ ممارساتها العدوانية التوسعية؛ بلّ قد أسهم في تنشئة أجيال تؤمن إيماناً مطلقاً بسياسة القوة والعنف والإرغام... سياسة تقتلع من نفوس هذه الأجيال أي حس وأي تعاطف إنساني مع الآخر المختلف...

الـعـنـف في الأدب الصهيوني.pdf

تفاصيل كتاب الـعـنـف في الأدب الصهيوني.pdf

للمؤلف: الدكتور علي سليمان
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 0
مرات الارسال: 26

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T
عرض جميع الكتب للمؤلف: الدكتور علي سليمان

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: