كلستان روضة الورد.pdf
نبذة من تاريخ حياة سعدي إن من يتتبع آثار هذا الشاعر العظيم الذي طبقت شهرته الآفاق في مشارق الأرض ومغاربها، يستطيع أن يستخلص تاريخ حياته بسهولة مما تركه بين أيدي الناس يتداولونه ويتدارسونه فيما بينهم، معجبين مأخوذين بهذه العبقرية الفذة التي لايجود الزمان بمثلها إلا في فترات قليلة بين حقبة وأخرى من الدهر بعيدة المدى متطاولة الأمد. وإن الذين أرخوه وعنوا بآثاره استخلصوا تاريخ حياته من دواوينه الشعرية ومن نثره الساحر، خصوصاً في كتابه الخالد (كلستان) وفي ديوانه الفاتن (بوستان). أما اسمه الكامل فهو الشيخ مشرف الدين بن مصلح الدين السعدي، أحد النجوم اللامعة، في سماء الأدب الإيراني، فلقد بلغ أعلى درجات الفصاحة في اللغة الفارسية، كما أن نظمه ونثره يعدان أحسن مثال في السلاسة والبلاغة. أما ولادته فكانت سنة 606 هـ على الأغلب. ويزعم بعضهم أن الشاعر كان في رعاية الأتابك سعد بن زنكي، الذي أرسله إلى بغداد لإتمام علومه. وأغلب الظن أن الشيخ قد عزم على السفر إلى تلك المدينة للتحصيل، لما رآه من الحروب والاضطرابات في نواحي فارس، وقد كان من نتائج هذا السفر، ومن التقائه بعلماء بغداد وعظمائها، أن كان لكل هذا تأثير لاحد له في نفسية شاعر شاب، وفي أفكاره كذلك. وقد كانت بغداد في ذلك الوقت، دار العلم، حضر فيها دروس أساتذتها، كالشيخ شهاب الدين السهروردي، وهو من كبار رجال الصوفية، وأبي الفرج بن الجوزي، وأمثالهما. ثم عاد السعدي بعد بضع سنوات من تحصيله في هذه المدينة، إلى موطنه في إيران، وقد تعرض إلى هجمات المغول، ولم تنج مدينة شيراز نفسها وهي موطن نشأته من الثورات التي وقعت بين أحفاد الخوارز مشاهيين وبين الأتابكة، فتأثرت نفسيته بذلك، ورغب في أن يطوف العالم، ويجوب نواحيه، فقام في رحلات طويلة، وزار مكة، ودمشق وبلغ شمالي افريقيا، وأقام مدة في الشام، وعاشر أهل تلك البلاد من الطبقات العليا إلى الطبقات الدنيا، واختلط بالعلماء، والعوام، والصوفية، والسنيين، والملاحدة، والبراهمة. وقد تزود من كل ما تحمله أفكارهم. ولم يفارق دمشق العزيزة عليه إلا في سنة 643هـ، كما يغلب على الظن، حين ابتليت بالقحط والغلاء والجراد وجفاف مياه العيون والأنهار، فرثاها أبلغ رثاء وبكاها أحر بكاء، وخرج منها هائماً على وجهه في بادية القدس، فأوقعه سوء حظه أسيراً بيد الفرنجة، وافتداه صديقه الحلبي وزوجه ابنته فتخلص منها لوقاحتها ورحل عن حلب، وهذا آخر العهد به في ديار الشام. وبعد هذا السفر الطويل، عاد الشيخ إلى موطنه شيراز، مزوداً بالخبرة، ممتلئ النفس بالأفكار الناضجة، والعقائد العميقة، فلما بلغها وجدها تحت حكومة الأتابك، أبي بكر بن سعد سنة 623هـ - 668هـ فوجد البسطة في الرزق، والأمان في الحياة، وفي ذلك الموطن وجد السعدي الفراغ، والميل إلى التصنيف، فألف ذخائر المعارف، ونفيس الآداب، بعد أن أمضى عمراً طويلاً في التنقل بين البلاد. ومع أن الشاعر قد طبقت شهرته الآفاق منذ نشأته، وسمع عن فضله منذ شبابه، وجرت أشعاره على الألسنة. فإن أهم ماقام به في ذلك العهد أي أواخر عهد السلطان الأتابك أبي بكر - أنه نهض للتأليف والتدوين. وأولى منظوماته الهامة والمشهورة هي بوستان وهذا الديوان يشتمل كله على قصص شعري غاية في الابداع، وهو في هذا الديوان شاعر إنساني ومعلم أخلاقي، وبعد سنة من إتمامه، ألف مصنفه الآخر كلستان وهو أجود ما كتب في النثر الفارسي، وأسلوب كلستان يطابق عنوانه روضة الورد. وتنتظم فيه القصص، والأمثلة، والحكم، والنصائح الأخلاقية والاجتماعية في عبارات لطيفة متينة حتى لتستطيع أن تقول إن الكلستان شعر منثور، أو نثر مجرد عن الزوائد والحشو. أما غزليات السعدي فيمكن أن نقول إنه مبتكر فيها، فقد تضمنت أبدع الإحساسات، في روح الصوفية، فلم يبلغ شاعر آخر مابلغه فيها. مع أنه يتضح من حكايات السعدي، وحكمه أنه اندمج في زمرة رجال الصوفية، لكن لم يكن من أولئك الذين نفضوا أيديهم من شؤون الحياة، ولا من الذين لجأوا إلى الاعتزال، بل كان له لطافة أفكارهم، واشراق نفوسهم، في حياة معتدلة، وعمل متزن. وكان تأثير السعدي في الناحيتين الأدبية والأخلاقية لا حد له، ليس في إيران وحدها، بل في العالم أجمع، فإن بعض الشعراء المشهورين الذين جاؤوا بعده كحافظ الشيرازي وعبد الرحمن الجامي قد وضعوه موضع التقدير والاعجاب، وأحلوه بينهم محل الفضل والإجلال. وقد بلغت شهرة السعدي أطراف العالم، ونقلت آثاره في النثر والنظم إلى جميع اللغات الحية، وكانت محل إعجاب الأمم وتقديرها... وتوفي الشيخ بين سنة 690 هـ و 694 هـ في شيراز، ودفن بها. * * *
تفاصيل كتاب كلستان روضة الورد.pdf
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 1
مرات الارسال: 26
عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T