حقيقة.!

حين ننتهي من قراءة كتاب جيد.. نكون كمن ودع صديقاً جيداً.

العصف والسنديان.pdf

ذنباً كنت، وأنا الذي اقترفتك. كذبة بحجم الزمان أصبحت، وأنا الذي كذبتك. كيف أنجزتُ هذا الهرم الخرافي؟ شيء يفوق حدود التصور. بالأمس كانت يدي ملطخة بصديد معدنك، أعجنك لأصنع منك تمثالاً يبتهل أمام قدميّ، ويسجد إلى خالقه الذي يدعى أنا. فإذا بك تستهزئ بي، وتفرغ أحشاءك فوق رأسي بضربة معلم. أي والله!. إنه جزائي، قصة خوائي التي كتبتها بطريقة مفككة، وغير مقنعة، حتى جاءت على هذا القدر من الفشل والتبعثر. يومها لم تكن أنت شيئاً في ذاكرة الزمن، لا أدري كيف تسللت إلى عيوني وضلوعي، وعبرت تلك المسامات في جلدي، تحمل حلمك في التجذّر بي، فكنت لك الأرض الخصبة التي فتحت الطريق أمام صلفك وغرورك. يومئذ أغرتني وداعتك، حينما قدمت بثوبك الطويل المقلم، تحمل علامة فقرك على قدميك الحافيتين، وشعرك الأشعث، وأنا، أنا الذي كنت مأخوذاً بالشعارات، ومدمن أيديولوجيا من الدرجة الممتازة، أحسست أنني عثرت على خاتم سليمان فتلقفتك، وجعلتك ولدي. من يومها فككتَ عقدة عقمي، واستجررتَ أبوتي، وأهّلت خصوبتي. فلم أعد ذلك العاقر الذي اغتالوا خصوبته ذات استجواب، فغدا يشتهي ولداً ولو من طين. أتذكر كيف فصّلت لك ثوباً أكبر من مقاسك بشبرين، واشتريت لك حذاء أكبر من قدميك بنمرتين، وزينت صدرك بالنياشين؟. كنت يومها أرسم حلمي على قامتك، وأكتب قصيدتي على دفترك، لتكون لي بعد ذلك الزمان القاحل ومضة في عتمة بيتي، وغبش طريقي، تضيء حجرة نومي، ومكتبي، وتوقد الشعلة التي انطفأت منذ زمن بعيد. على يدي استقام عودك، وأنت تخطر أمامي بزيك العربي، كم كنت أحب ذلك اللباس على طريقة الأكابر من أبناء مسكرة. وطالما عذلوني فيك؛ قالوا كبّرته قبل أوانه، فقلت لهم: دعوني أسكر على ضفاف قامته، أستتر خلف عباءته المقصبة، أندهش لذلك النماء الفاخر في إهابه. وطالما أغروني بك؛ قالوا سوف ينقلب عليك، ويكتسح كهولتك، ويستبيح شيخوختك، ويغتصب حبك له. فجعلت أذناً تسخر من توقعاتهم الساذجة، وأذناً تطرب لسماع معزوفة الولاء التي كنتَ تسوقها كل يوم على آلة طربك الخاصة.

العصف والسنديان.pdf

تفاصيل كتاب العصف والسنديان.pdf

التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: doc
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 1
مرات الارسال: 23

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: