الحـركـة الفكـريـة ومراكزها في نيابة دمشق في عصر المماليك البحرية.pdf
للمؤلف: د. حسام الدين عباس الحزوري
شكّل التراث الإسلامي مصدراً هاماً من مصادر حضارة أمتنا العربية، وعرفت هذه الأمة بحبها للعلم والمعرفة، وإنّ النتاج الفكري الذي خلّفه لنا الأجداد عبر حضارة عربية إسلامية امتدت أربعة عشر قرناً، شكّل جزءاً مهماً من هذه الحضارة. ومن هنا نستطيع القول إن معرفة الحاضر لن تكون صحيحة إلاّ إذا ارتكزت على معرفة الماضي، وهي لابد منها لبناء المستقبل والفكر العربي الإسلامي زبدة الحاضر، فالفكر نتاج العقول، وخلاصة تجاربها، وبمعرفته يعمق وعينا لأنفسنا، لنستطيع أن نكتشف قدراتنا الكامنة ونحرر طاقاتنا الإبداعية. ويعدّ العصر المملوكي من العصور الزاهية والمشرقة في التاريخ الإسلامي، حيث كان نتاجه الفكري ضخماً غزيراً، والعلماء الذين أسهموا في هذا النتاج عددهم كبير، وإبداعاتهم متنوعة، في التاريخ، والأدب، والجغرافية، والفلك، والطب، والصيدلة، والزراعة... وقد ظُلم هذا العصر من حيث الدراسات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي بحثت فيه، وهذا ليس بغريب خاصة وأن المصادر التاريخية التي أرّخت لهذا العصر، صبّتْ اهتمامها على الحكام والسياسيين، على الرغم من أنهم أغراب، وأهملوا الشعب الذي صنع هذا التاريخ، وخاصة أن الأحداث التي دارت خلاله، دارت على الأرض العربية، ولم يكن هؤلاء الحكام سوى أسر حاكمة غريبة عن أرضنا العربية. فقد عرف المشرق العربي الإسلامي منذ دخول السلاجقة بغداد سنة (447 هـ/1055م) وحتى دخول العثمانيين الشام ومصر سنتي (922 923 هـ / 1516 1517م)، أحداثاً تاريخية، غلب عليها سيطرة عناصر غير عربية وجدت في لقب السلطان ما يكفل لها السلطة والنفوذ تحت راية الخلافة العباسية، بدءاً من السلطة السلجوقية في العراق وبلاد الشام، والأتابكيات التابعة لها في بلاد الشام (التي خلفتها) ثم السلطنة الأيوبية، وما خلفته وراءها من السلطنة المملوكية. كل هذه الأسر الحاكمة كانت أسراً غريبة عن منطقتنا العربية، فصّب المؤرخون اهتماماتهم على هؤلاء السلاطين، مهملين دور الشعب في صنع التاريخ وقد كان النشاط الفكري خلال العصر المملوكي غنياً بالنتاج في مختلف الميادين العلمية والأدبية. وقد تركزت معظم الدراسات التي قُدمت عن هذا العصر على القاهرة، كونها مركز السلطنة، وتلتها في الدراسة نيابة حلب، أما نيابة دمشق فلم تحظَ بالقسط الوافر من الدراسة، رغم أهميتها وكونها النيابة الأولى والأهم من نيابات الشام، وتأتي بعد نيابة القاهرة من حيث الأهمية. فلذلك صممت على اختيار موضوع عن نيابة دمشق خلال هذا العصر ولاسيما العصر المملوكي الأول– مركزاً دراستي على الحركة الفكرية فيها، فالعصر المملوكي كان عصر ازدهار ورقي حضاري، وفكري، على عكس ما قيل عنه، بأنه عصر انحطاط وتخلف وجهل، ففي هذا العصر وضعت الموسوعات، وفي هذا العصر وضعت العديد من كتب التراجم، وفي هذا العصر وضعت المؤلفات الطبية، والزراعية، والأدبية، والفقهية، وغيرها الكثير فلذلك كان العصر المملوكي جديراً بأن يولى بالدراسة، وبيان نشاطه الفكري، وهذا ما حاولت إثباته في هذه الدراسة. اعتمد البحث على العديد من المصادر المطبوعة والمخطوطة، وكذلك العديد من المراجع الحديثة، والمراجع الأجنبية، وحجج الوقف العائدة لذلك العصر، بالإضافة إلى بعض الدراسات التي قدمت كأطروحات ماجستير ودكتوراه، داخل سورية وخارجها. فقد حاولت في هذه الدراسة إعطاء صورة واضحة عن الحركة الفكرية في نيابة دمشق خلال العصر المملوكي ما أمكن، موضحاً أسباب ازدهار هذه الحركة، والعوامل التي ساعدت العلماء على الإسهام في هذه الحركة، بالإضافة إلى مراكز هذه الحركة من (مدارس- زوايا- ربط- خوانق– مساجد- مكتبات)، فقدمت دراسة عن كل مركز متبعاً المنهجية التالية: آ- اسم المركز ب- اسم منشئه ج- تاريخ إنشائهد- موقعه هـ- مصيره الحالي. وكذلك بينت الطرق التي كانت متبعة في التدريس، وقدمت صورة عن أعضاء الهيئة التدريسية من (شيخ الكتاب الأستاذ أو المعلم المعيد المفيد)، والطلاب وشروطهم وواجباتهم، وتناولت المؤلفات التي وضعت خلال هذا العصر في نيابة دمشق في كافة المجالات الفكرية. وعلى هذا قسمت الكتاب إلى أربعة فصول مع مقدمة وخاتمة. تناول الفصل الأول بين طياته تقديم نبذة تاريخية عن مدينة دمشق خلال العصر المملوكي ونشأة المماليك، والعوامل التي ساعدت على اعتلائهم عرش السلطنة، سواء الداخلية منها أمالخارجية. وكذلك إعادتهم للخلافة العباسية، وتصديهم للخطرين المغولي والصليبي، ودراسة الحياة السياسية في نيابة دمشق، وحركات التمرد والعصيان التي حدثت فيها، والتقسيم الإداري لنيابة دمشق. أما الفصل الثاني: فقد تناولت فيه دراسة النشاط الفكري من حيث عوامل قيامه، ومراكزه من مساجد، ومدارس فقه، وحديث، وفقه، وزوايا، ودور القرآن، بالإضافة إلى المكتبات وأنواعها. بينما تناول الفصل الثالث: أساليب وطرق التعليم، ونظام التدريس، والمساكن الدراسية، والإجازات العلمية، وكون العلماء (المدرسين) هم عماد العملية التدريسية فكان لهم نصيب لابأس فيه من الدراسة وتوضيح لأعضاء الهيئة التدريسية، وواجباتهم وحقوقهم، ومؤهلاتهم العلمية، وكذلك الحال بالنسبة للطلاب. مع إبراز النشاط الفكري للمرأة وتقديم نماذج عنها، وعن دورها في بناء المؤسسات التعليمية. وفي الفصل الرابع:عرضت للنشاط التأليفي خلال هذا العصر وذلك من خلال تصنيفها في مجموعتين: الأولى: شملت العلوم النظرية، من علوم دينية (علوم القرآن، والفقه وأصوله، وعلوم الحديث، والتفسير)، وكذلك علوم اللغة العربية (علوم النحو والصرف، واللغة والمعاجم، والبلاغة، والأدب من نثر وشعر) وكان لعلم التاريخ وفنونه (التاريخ العام، تاريخ الدول والمدن، التراجم، السير) نصيب لابأس فيه مع ذكر أهمِّ الأعلام في كل مجال، وكذلك أهم المؤلفات التي وضعت خلال هذا العصر في نيابة دمشق. الثانية:ضمت النشاط التأليفي في مجال العلوم التطبيقية من علوم طبية (الطب، والصيدلة) وعلم الفلك، والرياضيات، والهندسة، والكيمياء، وعلمي الحيوان والنبات، وأبرز الجغرافيين ومؤلفاتهم، وكذلك الموسيقيين، مع عرض أهمِّ العلماء في كل علم وأهم المؤلفات. ومن ثم ختمت البحث بخاتمة أوجزت فيها نتائج البحث بكامله من جميع النواحي، ولاسيما في مجال الحركة الفكرية. وفي نفس الوقت لا بد أن يكون هناك أشياء جديدة تضاف وتزاد، لأن حركة نشر التراث لم تقف قط، فلابدّ أن نساير ركب التطور الجديد، فالتأليف في ميدان التراث قابل للتجديد والتطور ما دامت هناك كتب تنشر وتحقق، فتغني موارد البحث والدراسة، ويكون بين يدي كل مؤلف ما يعينه على مزيد من التحليل والموازنة، وإبداء وجهات النظر، وخصوصاً أن كشف وجوه الإبداع الفكري في هذا العصر ما زالت قاصرة، لم تنل قطوفاً مختلفة، تكشف وتوضّح الأعمال التاريخية العظيمة، والسبق الزمني الرائد لعلماء الأمة الإسلامية في شتى المجالات وخصوصاً العلمية منها.
تفاصيل كتاب الحـركـة الفكـريـة ومراكزها في نيابة دمشق في عصر المماليك البحرية.pdf
للمؤلف: د. حسام الدين عباس الحزوري
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 3
مرات الارسال: 39
عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T
عرض جميع الكتب للمؤلف: د. حسام الدين عباس الحزوري