حقيقة.!

الجائع لن يستطيع معرفة جودة الطعام؛ إلا بعدما يشبع، كذلك القارىء لأول كتاب يقع بين يديه.

الأصول والفنون شعر الأغاني الشعبيّة والأهازيج في تراث جبل العرب.pdf

إنّ للشعوب لغات رسميّة، تطغى عليها دائماً لهجات متداولة أكثر حرارة، وأبسط مأخذا، وأقلّ تكلّفا، وأسهل استعمالاً، وأعظم ارتباطا بحياة الناس، هي اللهجات المحكيّة الملحونة. ولم تستطع اللغة العربيّة الفصحى أن تنجو من هذا الطغيان، مع أنّها لغة القرآن الكريم؛ فقد سابقتها إلى ألسنة العامّة والخاصّة لهجات مناطقيّة مختلفة باختلاف البلاد العربيّة، واستطاعت هذه اللهجات أن تنهض بفنون أهلها اللغويّة، من حكم وأمثال وحكايات وأغان وأهازيج وأشعار، وأن تتضمّن ما لديهم من أفكار، ومشاعر تلزم لمواقفهم، ونشاطاتهم، ومناسبات حياتهم وحاجاتها جميعا. وفي هذا الكتاب تقصّيت أصول الشعر الشعبيّ الغنائيّ، وفنونه المصوغة باللهجة المحكيّة المرويّة شفهيّا في جبل العرب، بدءا من نزول أسلاف سكّانه الحاليّين فيه، حتّى استقرار تلك الأنماط الشعريّة الغنائيّة، مع محاولة ربطها بمنابعها. ودوّنت في باب الفنون نصوصا تمثّلها، خوفا من أن تأخذها مع أنماطها رياح النسيان، بعد أن هبّت على مبتكري كلماتها وألحانها فغيّبتهم جميعاً بحكم قانون الحياة،وذهبت بأسمائهم، لتصبح نصوصهم وأهازيجهم تمثّل فئة من شعبنا الكبير، شغلت جغرافيّة تلك المنطقة، وتاريخها بعامّة وماتزال. وقبل أن يتساءل قارئ، عن سبب غياب نصوص مشهورة - لشعراء يعرفهم - عن هذا الكتاب، ألفت النظر إلى أنّني تقيّدت بالتعريف الذي تلتزم به مديريّة التراث الشعبيّ في وزارة الثقافة، للتراث غير الماديّ، ومؤدّاه أنّ ماعرف قائله من شعر وما في حكمه، لا يحسب على التراث الشعبيّ . لعلّ ذلك مستوحى من معنى التركيب folk lore)) إذ folkفي الإنكليزيّة تعني (قوم أو شعب) و loreتعني (خبرة أو معرفة أو علم). فالفولكلور يمثّل بداية كلّ خبرة تتعلّق بالشعب عموما. ثمّ يتخصّص ليصبح كلّ ما يتعلّق بالعامّة، من حكاية، أو أغنية، أو لحن، أو حركة أو ما في حكم ذلك من النشاطات الإنسانيّة المتحدّرة شفهيّا عبر الأجيال. وألفت النظر إلى أنّ موضوع هذا الكتاب (الأصول والفنون)، يشغل الجزء الأوّل من بحث موزّع على ثلاثة كتب، عنوانها العام (شعر الأغاني الشعبيّة والأهازيج في تراث جبل العرب). وعنوان الكتاب الثاني منها (الشعراء الروّاد) أي شعراء الجبل في مرحلة الاحتلال العثمانيّ، أمّا الثالث فعنوانه (شعراء مرحلة الاحتلال الفرنسيّ )، ومحتواه يشفّ عنه ذاك العنوان. أضيف إلى ما سبق أنّ هذا الكتاب كان معدّا ليتحدّث عن الأغاني الشعبيّة وأشعار العامّة في الجبل منذ استقرّ فيه أسلاف سكّانه الحاليّين حتّى هذه الأيّام، انتهاء بحركة الحداثة التي طالت فنون الشعر الشعبيّ أيضا. لكنّ التقيّد بموضوعات التراث، جعلني أطوي ما لا ينضوي تحت معنى التعريف السابق، لأودعه كتابا آخر . وقد حضرت الأغنية الشعبيّة والأهزوجة في هذا البحث، من حيث هما شعر، ولا ضير في ذلك إذا وضعنا في الحسبان أنّ الشعر الشعبيّ كلّه وضع ليغنّى، وأنّ كلّ مقطوعة منه مشروع أغنية، حتّى أكثره رتابة يمكن أن يغنّى مع ألحان آلة تناسبه. ويبقى الفرق في طريقة الغناء، ومناسبته، والموسيقا والحركات التي تصاحب هذا الغناء. أمّا عن دوافع كتابة البحث، فإنّ كلماتٍ للأديب الكبير ميخائيل نعيمة جعلتني أكثر رغبة في تنفيذ هذا المشروع. وبالتحديد حيث يقول: -ولي أمنية لو مكّنتني الحياة من قضائها، لاكتفيت بها دون سواها، وهي أن يتيسّر لي أو أن ييسّر الله لسواي جمع مثل هذه المطالع أو -الموّالات- العامّيّة في لبنان وسوريّة، مع ما هنالك من الأمثال الحكميّة قبل أن تعبث بها يد الأيّام، وتقضي عليها نهضاتنا الحديثة المباركة. إنّ في هذه الآثار لكنوزا خالدة، فحرام أن تكون لنا هذه الكنوز، وأن نرانا واقفين على قارعة الطريق، حيث يلتقي الغرب بالشرق، باسطين يد المستعطي نحو الأوّل، ورافعين يد النقمة فوق رأس الثاني-. ولا يخفى ما في هذا العمل من ربط للحاضر بالماضي، وتعريف بالجذور. المؤلّف

الأصول والفنون شعر الأغاني الشعبيّة والأهازيج في تراث جبل العرب.pdf

تفاصيل كتاب الأصول والفنون شعر الأغاني الشعبيّة والأهازيج في تراث جبل العرب.pdf

التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 2
مرات الارسال: 31

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: