حقيقة.!

حب القراءة من النعيم المعجَل للمؤمن في الدنيا من كتاب طفل يقرأ.

حريق اللون ... حريق الروح و الإعـادة الثالثـة للعمـر.pdf

مأساة الإنسان الفنان المبدع في وطنه، هو الموضوع المركزي الذي يجمع بين هاتين المسرحيتين [حريق اللون ... حريق الروح] و[الإعادة الثالثة للعمر] للفنان والأديب الدكتور محمد قارصلي. إنها مأساة الفنان الصادق الواعي الذي تَمثَّل في عقله ونفسه تراث الغرب المتطور [أوربا] على صعيد الفن التشكيلي والسينمائي، إبداعاً وتنظيراً، وعاد إلى وطنه ليسهم في بناء ذائقة مواطنه بإبداعه وعلمه ومعرفته واندفاعه في نسيج هذا الوطن، فإذا به في مواجهة الإهمال والجهل وهدر الحقوق والإساءة المتعمدة والقهر المستشري في كل زاوية. وهذه المواجهة في تجلياتها المتباينة هي مادة الصراع بين المبدع الحقيقي وبين العراقيل والكوابح والسدود التي توضع في طريقه، على صعيد لقمة العيش والمسكن والحرية الشخصية وتشويه السمعة والإنكار والحصار، وغير ذلك مما يعانيه هذا الإنسان الحساس والواعي في حياته اليومية وفي أعماله الإبداعية. وفي خضم هذا الصراع القاسي، غير العادل، يسقط البطل التراجيدي. لكن سقوطه في هاتين المسرحيتين، هنا، لا يتأتى من قدر غاشم أو غطرسة ذاتية أو خطأ في البنية النفسانية للبطل، كما في التراجيديا الإغريقية أو الشكسبيرية بل نتيجة لتعدد أشكال المواجهة وتكالبها عليه ، مما يؤدي به إلى الانكفاء إلى الذات، ومن ثم إلى عدم القدرة على مواصلة الإبداع ، أو الخضوع والرضوخ للشروط في لعبة السوق، فيسقط نفسياً وحياتياً . في المسرحية الأولى أحرقت قوى الجهل والجهالة والتعسف ألوان الفنان التشكيلي، فاحترقت روحه، وتوقف عن الرسم. والمخرجة السينمائية في المسرحية الثانية حوربت لأنها إمرأة أولاً ومبدعة ثانياً، ولإصرارها على مواقفها. وعندما أُجهضت أحلامها كافة، خضعت لشروط السوق التلفزيونية المحلية والعربية. ومع ذلك فإن المخرجة السينمائية في المسرحية التي تعرض وتحلل حياتها المأساوية، تجيَّر ثورتها الخجول في النهاية لصالح خاتمة تفاؤلية في فيلمها بدلاً من النهاية المأساوية الأصلية التي لن تلقى رواجاً في السوق. وعلى الرغم من اتكاء الكاتب -د. قارصلي- نسبياً على شخصيتي فنانين حقيقيين من واقعنا، هما الفنان التشكيلي -لؤي كيالي- الذي درس في روما، والمخرجة السينمائية -شيرين ميرزو- التي درست في براغ، لكنه تمكن بحرفية عالية من منح بطليه في المسرحيتين بعداً مجازياً عاماً، أبعدهما عن صبغة السيرة الذاتية، وجعل من المعاناة الفردية معاناة مجتمع ووطن. إضافة إلى السيناريوهات السينمائية والتلفزيونية، كتب -د. محمد قارصلي- حتى الآن أكثر من عشرة نصوص مسرحية للأطفال والفتيان والكبار. ومن المعروف أيضاً أنه مخرج سينمائي ومسرحي بارع، فقد فازت بعض أعماله الإخراجية المسرحية بجوائز دولية في مهرجانات معروفة في اليابان والهند، وكذلك بعض أفلامه التي نالت العديد من الجوائز الدولية. ونتيجة لهذا كله كان تفكيره في مادته المسرحية في الحالين إخراجياً بامتياز، ولكن ليس أبداً كما في نصوص ظاهرة المخرج/المؤلف التي هيمنت على مسارحنا منذ ردح من الزمن، هذه النصوص التي يصعب إخراجها على الخشبة من قبل مخرج آخر غير مؤلفها نفسه. بل إن نصوص -د.محمد قارصلي- تنتمي إلى الأدب المسرحي المغري فكرياً وفنياً. وسبق أن عرضت بعض نصوصه في العاصمة وخارجها بإخراجات مختلفة وبنجاح لافت. إن أسلوب -د. محمد قارصلي- في هذين النصين سردي / ملحمي، شكلاً ومضموناً، ويعتمد بنية المشاهد المتتالية والمتداخلة والمركبة في انسيابية حياتية، تركز عند كل مفصل مهم على إبراز ما هو عادي ومألوف بحيث يبدو غريباً وصادماً، ينبه عقل المتفرج إلى ضرورة اتخاذ موقف ناقد مما يجري أمامه على الخشبة وحوله في الواقع، سلباً أو إيجاباً. ومجموع تركيب هذه المشاهد كأحجار الفسيفساء يؤدي إلى تشكيل اللوحة الكلية التي يسهم عقل المشاهد في بنائها، فلا يبقى متلقياً سلبياً أو متماهياً عاطفياً في معاناة الشخصية الرئيسية، من دون وعي مسبباتها الحقيقية في بنية المجتمع المتفككة وفي ذوات بعض أفراده المريضة. وإذا كان الكاتب د. قارصلي في [حريق اللون... حريق الروح] قد اعتمد معماراً بسيطاً يتساوق مع التسلسل الزمني لأحداث حياة الفنان التشكيلي، مركزاً في الآن نفسه على تقنيتي المعايشة والتغريب في الوقت نفسه، بغرض تحقيق احتمالية ومصداقية الشخصية والحدث، فإنه في نص [الإعادة الثالثة للعمر] قد لجأ إلى تقنية في معماره، غاية في التعقيد؛ يمزج فيها بين المسرح والسينما من جهة؛ ويستخدم لعبة المسرح داخل المسرح من جهة أخرى، وفي الإطار السينمائي من جهة ثالثة؛ لاعباً بالمستويات الزمنية بين الحاضر والماضي والماضي البعيد من جهة رابعة؛ محافظاً في كل حين على مصداقية الشخصية في الحدث تارة، وتغريبها تارة أخرى، مخاطباً وعي المشاهد مباشرة بتقنية مسرحية غير مباشرة. فكانت النتيجة تكاملاً لافتاً بين المضمون والشكل في معمار غاية في الابتكار والفنية لتجسيد موضوع غاية في الحساسية مقارنة بالنص الأول، وهو خصوصية معاناة المرأة المبدعة في مجال الفن. إن ما تفتقده الحركة المسرحية العربية حالياً هو النصوص الدرامية ذات البنية المتينة والموضوع الاجتماعي ذي الراهنية. وما مسرحيتا هذا الكتاب سوى إسهام مهم ولافت على هذا الصعيد. د . نبيل الحفار

حريق اللون ... حريق الروح و الإعـادة الثالثـة للعمـر.pdf

تفاصيل كتاب حريق اللون ... حريق الروح و الإعـادة الثالثـة للعمـر.pdf

التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 1
مرات الارسال: 26

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: