حقيقة.!

اقرأ قليلاً ولكن استوعب كل كلمة قرأتها.

السينما المكسيكية.pdf

إنها كيمياء، سيمياء، قطع تلتصق ببعضها البعض في الوقت نفسه. كيف تستطيع أن تشرح بشكل فعال لحظات جوهرية أخرى في تاريخ الفيلم، مثل -موجة السينما الألمانية الجديدة؟- أحياناً، تكون هذه الأمور مجرد لحظات في الزمن، ترتبط بأوضاع سياسية أو ثقافية نوعية. لا يتعلق الأمر بوجود حفنة من المخرجين السينمائيين، فقد كان هناك أيضاً ممثلون ومصورون سينمائيون ومصممو إنتاج ومنتجون... روزا بوش، منتجة فيلم -السلسلة الفقرية للشيطان- غيّر فيلما -غراميات بائسة- و-أمك أيضاً- نظرة العالم إلى الثروات التي يمكن أن توجد في السينما المكسيكية، بعد أن تمتّعا بنجاح نقدي وتجاري الواحد إثر الآخر. فالفيلم الأول كان العمل الإخراجي الأول لـ -ألخندرو غونثالث إينياريتو-، والثاني من إخراج -ألفونسو كوارون-، وهو مخرج أكثر خبرة عاد إلى الوطن من أجل مشروع شخصي بعد تجربة مثمرة في هوليوود. وقد استفاد هذان الفيلمان من وسامة الممثل -غايل غاريثا برنال- اللافتة للنظر وحضوره المثير المكهرِب. كان كل فيلم منهما جريئاً، أنيق التصوير، ومعقداً في تركيبه. وإضافة إلى ذلك، كان هذان الفيلمان كلاهما استفزازياً من حيث معالجتهما للقضايا الاجتماعية على نحو تبنئي وكونهما صريحين بشكل مثير في رغبتهما في مخاطبة العلل التي يعاني منها المجتمع المكسيكي المعاصر. أما وسائل الإعلام العالمية، التواقة على الدوام إلى تسليط الضوء على أي اتجاه جديد، فلم تتوان عن تكريس كثير من المقالات الصحفية للتنبؤ بموجة جديدة مثيرة، وأصبحت السينما المكسيكية -محبوبتها المدللة- على الفور. وعلى أي حال، سرعان ما كشف تقييم أكثر اطلاعاً للإنتاج السينمائي في المكسيك - وذلك إلى حد كبير عبر صفحات الدوريات المختصة بهذه الصناعة - شأن -سكرين إنترناشنال- و-فارييتي-، عن واقع أقصى وأكثر إيهاماً بالتناقض. وبالتالي سرعان ما أصبحت المانشيتات أشبه بالمرثيات. وانتقل الاهتمام إلى الأرجنتين: بلد يترنح من الانهيار الاقتصادي، ولكنه بقي رغم ذلك قادراً على الاستمرار بصناعة سينمائية رابحة تغذي مواهب ناشئة مثل -بابلو ترابيرو- في فيلميه -الشرطي من بوينس آيريس- (2002)، و-العائلة المتنقلة- (2006)، و-لوكريثيا مارتيل- في -المستنقع- (2001) و-البنت المقدسة-. من ناحية كان هناك فائض لا يمكن إنكاره من المواهب الشابة والجريئة والمبدعة من حيث الصياغة والشكل، والتي تزامن بروزها مع جيل ناشئ من رواد السينما المكسيكية المتعطش للإنتاج الذكي الذي يؤكد على الهوية والمصنوع محلياً. وبعد أن تحملت فترة من الجوع النسبي خلال الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، كانت جماهير السينما المكسيكية قد يئست على الأغلب من السينما المكسيكية، وراحت تفضل أن تدفع المال مقابل مشاهدة الأفلام الأمريكية العديدة التي كانت تملأ الشاشات في صالات المجمعات السينمائية الشعبية المتزايدة العدد، التي كانت تبرز في مختلف أنحاء البلد. والآن رغم وجود سينما وطنية مثيرة للتفاؤل مرة أخرى، سينما تعادل الأفلام التي تستورد عبر الحدود أو تتفوق عليها، سينما لها نجومها الخصوصيون وقيمها الإنتاجية العالية وميزاتها وهمومها الخاصة بها، فقد تمكنت هذه الجماهير المكسيكية من التعرف مجدداً على أنفسها وآمالها وطموحاتها ومشاكلها على الشاشة. كان تعبيد الطريق أمام مطامح العاملين والجماهير على حد سواء في مجال الإنتاج السينمائي قد أعطى روحاً جديدة للمستثمرين والمنتجين الخاصين، وقد كافح عدد كبير منهم وبشهامة رغم العقلية الضيقة للإدارات السابقة، التي كانت تلتقط الفتات الذي كان يتساقط بين الحين والآخر من مائدة الصناعة التي تتحكم بها الدولة. وسرعان ما فهموا، بعد أن استعدوا لاستثمار الوقت والطاقة والمال في مشاريع غير تقليدية، لم تكن في أغلب الأحيان مجرد تنويعات محلية على الأفلام الأمريكية الطابع، أن الاستقلال المالي عن المؤسسات الحكومية القائمة كان منسجماً أيضاً مع الحرية الشكلانية والإيديولوجية. لم يعد هناك موضوع محرّم ولا حكاية شديدة التعقيد في البحث المتواصل عن وسائل أصيلة للتعبير والحاجة إلى معالجة القضية الدائمة الوجود، ألا وهي: ما الذي يعنيه أن تكون مكسيكياً. على الضد من ذلك، وعلى نحو يخرّب بشدة الشروط الخصبة ظاهرياً، فقد كان التوزيع غير المؤاتي قد جعل استبقاء تعويض التكاليف للمنتجين الخاصين أمراً مستحيلاً. فبدون حوافز ضريبية حكومية، ومع تحدّيهم بنفقات إنتاج متصاعدة وموازنات لطباعة الأفلام والإعلان عنها، واجه المنتجون الخاصون مهمة شاقة حتى في البدء بأي فيلم روائي. ومع عيون العالم وهي تتفرج، فقد أصبح واضحاً جداً أن صناعة السينما المكسيكية كانت مثقلة بمشاكل بنيوية ذات جذور شديدة العمق وغير قابلة للإصلاح بحيث أنها هدّدت بخنق ما كان خلال فترة قصيرة انبعاثاً مغيظاً. هذا الكتاب المؤلف من مقابلات شاملة مع عدد متنوع من الشخصيات الرئيسية في هذه الصناعة ومهنييها، والذي حررناه على شكل سرد موشى بنثر يصل ما بين المقابلات، عبارة عن محاولة لتقديم منظور واضح للمناخ الجمالي والاقتصادي حالياً، بينما يضع السينما المكسيكية أيضاً ضمن سياق العلاقة مع ماضيها اللامع إنما المضطرب أيضاً. وبالعبرة نفسها، فإن فيلماً شأن -غراميات بائسة- لم يبرز من فراغ، لذلك من الجوهري أن نقول إن -السينما المكسيكية المعاصرة- تتعامل مع الأسلاف الأساسيين والقوى الخلاّقة الاجتماعية والسياسية والتقنية والفردية والجماعية التي ساعدت على مولدها. هناك بيئة متغيرة باستمرار تواجه مهنيي السينما المكسيكية اليوم. والمثل الأوضح والأكثر إثارة للقلق لهذه البيئة هو الخطط العنيدة للرئيس المكسيكي -فنثنته فوكس- الرامية إلى إنهاء أي علاقة للدولة بالسينما وذلك بإغلاق -معهد السينما المكسيكية--، والتضييق على المعهد الرئيسي للسينما في مكسيكو سيتي، ألا وهو -مركز التأهيل السينمائي- (المعهد الذي درب الكثير من الأشخاص الذين تحدثت إليهم)، وبيع -ستوديو تشوروبسكو- الأسطوري لأغراض تتعلق بتنمية مشروع عقاري. إن صرخات الاحتجاج التي واجهت مقترحات -فوكس-- وهي مقترحات فهمت على أنها هجوم مباشر على الثقافة والهوية والتي ستزيل آخر الحواجز أمام الهيمنة الثقافية الأمريكية - لدليل على قوة روح ومشاعر جماعة أخوّة السينما المكسيكية. إن -غونثالث إينياريتو - و-ألفونسو كوارون- و -غيليرمو ديل تورو-- وهم المخرجون الأكثر ارتباطاً من حيث الشعبية بالسينما المكسيكية المعاصرة والذين جعلتهم قدراتهم الفنية العالية يلعبون أدوراً كسفراء للثقافة المكسيكية - هم جميعاً أصدقاء حميمون يتشاورون غالباً في كل عمل ينجزونه. وقد ساعد هذا الحس بالقرابة والتشجيع والمسؤولية على إبقاء السينما المكسيكية جيدة وسيئة في آن معاً في بعض الأوقات. عاشت المكسيك! جايسون وود

السينما المكسيكية.pdf

تفاصيل كتاب السينما المكسيكية.pdf

التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 0
مرات الارسال: 26

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: