حقيقة.!

قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت.

الجســـد بين اللـذة والألـم.pdf

حين كنت في العشرين من عمركَ، كنت حلاقاً غير ملتزم، في دكان على باب ثكنة في مدينة اللاذقية، بابها من أخشاب عتيقة، لا تمنع ريحاً ولا تحجب ضوءاً. نعم! هذا ما كنته يا فصيح، يوم كانت الحرب العالمية الثانية تتضرّى، وكنت تتساءل، كما غوركي، يا نفس ماذا ستكونين، وماذا يخبئ لك الغد!؟ لم يكن لديك سوى الشهادة الابتدائية، المنسية الآن في قاع البحر الأحمر، وقد حصلت عليها من المدرسة الرشدية في مدينة إسكندرونة، قبل الهجرة من اللواء السليب، وقد أضعت طفولتك في الشقاء، وشبابك في السياسة، سعياً وراء العدالة الاجتماعية، هذه التي تتحسر الآن عليها، لأنها لم تتحقق، لكنك غير يائس من تحقيقها، لأنها حلم البشرية أزلاً أبداً. كنت، أيها المأفون، ترغب في تغيير العالم، ودون أن تعرف ما هي الكتابة، كتبت خربشات اسميتها مسرحية، أنت بطلها، وفيها تُغيِّر العالم في ستة أيام، وفي اليوم السابع تستريح، وقد ضاعت هذه المسرحية، وأنت غير آسف عليها، لأنك لا تأسف على ما فات، وتتطلع أبداً إلى ما هو آت! الفقر نوعان: أبيض الذي تعيشه الآن، وأسود الذي عشته منذ وعيت الوجود، حين كنت عرياناً إلاّ من خروق تستر لحمك، وكنت حافياً، جائعاً، تبحث عن اللقمة، وفي سبيلها عملت أجيراً عند مؤجر دراجات، وأجيراً في صيدلية، وأجيراً مربياً للأطفال، وأجيراً عند حلاق، تعلمت لديه مبادئ المهنة، وحمالاً في المرفأ، وبحاراً، أو أجير بحار، على مركب شراعي، لمدة قصيرة، رأيت فيها الموت يحدّق فيك، بعيون باردة، خلال العواصف، وما أشدها في الشتاء!

الجســـد بين اللـذة والألـم.pdf

تفاصيل كتاب الجســـد بين اللـذة والألـم.pdf

التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 0
مرات الارسال: 27

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: